شُيِّد المسرح البلدي القديم بصفاقس سنة 1903 ” كثاني مسرح بلدي بالبلاد التونسية إذ سبقه تشييد المسرح البلدي بالعاصمة بسنة واحدة وذلك بنهج الجمهورية القديم – شارع الهادي شاكر حاليا(…). وقد خضع المسرح لعديد الإصلاحات سنة 1927 وفي فترة الثلاثينات، وبقي شامخا لمدة 39 سنة (…) وعلى الساعة الرابعة عشر وعشرين دقيقة من يوم 30 ديسمبر 1942، أصابت قنابل الحرب العالمية الثانية هذا المسرح فشوّهت جماله ودكّته دكّا وخسرت بذلك المدينة مسرحها وظلّت 12 سنة دون مسرح
وخلال سنة 1954، دُشّن المسرح البلدي الجديد بشارع الهادي شاكر ومازال قائما إلى اليوم حيث بلغت نسبة تقدّم أشغال تهيئته 75% سنة 2017، واكتملت تهيئته سنة 2019 حيث أعادت بلدية صفاقس افتتاحه في 26 أكتوبر 2019
ويحتضن المسرح البلدي العروض المسرحية والسينمائية والموسيقية والمعارض والتظاهرات الثقافية والفنية الجهوية والوطنية والدولية. ولعلّ من بينها مهرجان المدينة والأيام الثقافية البلدية وعددا من التظاهرات التي تنظّمها مندوبيتي التربية صفاقس 1و2 وجامعة صفاقس والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية والمؤسسات العمومية والخاصة والجمعيات من الجهة وخارجها
وقد قدّمت عديد الفرق الموسيقية العربية والغربية والوطنية والجهوية حفلاتها على ركح المسرح البلدي منها فرقة دار الأوبرا المصرية وفرقة الموسيقار عطية شرارة والأوركاستر السنفوني التونسي والفرنسي. وكانت الفرق الموسيقية الشبابية وما أكثرها تقدّم على ركح المسرح البلدي حفلاتها السنوية والموسيقية مثل الشبيبة المدرسية ومدرسة أبي القاسم الشابي بإدارة السيدة عائشة بالي العباسي. كما أحيتا كل من فرقتي إذاعة صفاقس الموسيقية بإدارة الفنان أحمد حمزة والفنون الشعبية بإدارة الفنان محمد بودية حفلات تكاد نكون شهريّة بالمسرح البلدي من أيّام تاريخ تأسيسها على يد المرحوم عبد العزيز عشيش ومع المدير التوفيق الحشيشة ومع المدير قاسم المسدّي
ظلّ المسرح البلدي بصفاقس مكان انعقاد دورات هامة من عمر مهرجان المدينة بصفاقس من خلال احتضان سهرات الطرب الأصيل. كما أدّى عدد هام من الفنانين التونسيين والعرب عروضا موسيقية رائعة على خشبة ركح المسرح البلدي ومنهم: محمد الجموسي لما عاد من الشرق وفرنسا.. كما غنّى فيها بودية وفرقته والمطربون أحمد حمزة وصفوة وقاسم كافي ومحمد العش ومبروك التريكي في طفولته وعلية ونعمة وزهيرة سالم ونبيهة كراولي ونجاة عطية في بداياتها
لم يكن يقتصر نشاط المسرح البلدي على مجرد العرض المسرحي أو الموسيقي بل تعدّدت أنواع الفعل الثقافي من خلال انفتاحه على المحاضرات والأمسيات الفنية والمهرجانات، وحتى السياسة أيام النضال الوطني وبناء دولة الاستقلال
كما احتضن المسرح عديد الأمسيات ألقى فيها نزار قباني بعض قصائده… وكان المسرح البلدي يستقبل الرئيس الحبيب بورقيبة في زيارته لولاية صفاقس ويُلقي على ركحه خطبه. كما خطب به الوزير أحمد بن صالح والوزير الأول الهادي نويرة في سهرة على أنقاض التعاضد تمّت فيها مؤتمرات لجنة التنسيق الحزبي في عهد الرئيس بورقيبة. (عن كتاب المسرح البلدي بصفاقس رحلة بناء ثقافي 1954 – 2019، إنجاز مصلحة الثقافة والإعلام ببلدية صفاقس، 26 أكتوبر 2019)